شاشة الناقد: بطلات تحت سطح الحياة

المصيطبة – المكان المرتفع ★★★★ إخراج: روان ناصيف
لبنان | تسجيلي |ألوان (20 د).
عروض 2025: جوائز السينما العربية
فيلم قصير يستحق الإعجاب، تسرد فيه المخرجة بصوتها ذكرياتها عن منطقة «المصيطبة» في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث ترعرعت قبل الحرب الأهلية وخلالها، بمناسبة عودتها إليها بعد 20 عاماً من الغربة. يبدأ التعليق بالتعريف بذلك الحي الذي يقع في منتصف المنطقة الغربية من بيروت، والذي كانت تقطنه غالبية مسيحية قبل الحرب. التعليق بالعامية ينسجم مع البوح الشخصي للمخرجة، التي تتحدث عن ذكرياتها طفلة ومن ثمّ شابة، وعن عائلتها وأقاربها الذين عاشوا في ذلك الحي أيضاً. لاحقاً، بعد نحو 10 دقائق، تنتقل إلى المرحلة الحالية؛ حين تعود إلى البيت حيث نشأت، فتجد نفسها غريبة، كما لو أن المنطقة جديدة عليها. في الواقع، هي بيروت التي تختلف اليوم عما كانت عليه سابقاً.
لا تهتم المخرجة بتحليل الوضع أو المُسبِّبات، بل تظل ملتصقة بتجربتها الشخصية، تعرضها بكل ما تحمل من خصوصية وبساطة وألفة. وهذا كله، وعلى أهميته، يُشكل جزءاً من قيمة الفيلم. مما يرتقي به وبمضمونه هو ما نراه على الشاشة. لا توجد لقطات للحي أو المدينة أو للمخرجة والأشخاص الذين تُذكر أسماؤهم، بل تمرُّ أمامنا مشاهد لمبانٍ من بعيد، (بينها العمارة التي تسكنها المخرجة). وهذا الأسلوب يتناسب مع رغبة الفيلم في عدم الخروج عن نطاق اهتمام مخرجته، أو توسيع نطاق ما ترويه. أحياناً، تلجأ إلى تركيب لقطتين، إحداهما فوق الأخرى…
نسور الجمهورية★★ طارق صالح
السويد + | دراما سياسية | ألوان (129 د)
عروض 2025: مهرجان «كان»
يُذكِّر فيلم طارق صالح الجديد «نسور الجمهورية» بفيلم المصري مجدي أحمد علي «مولانا» (2017) وفيلم المجري إسطفان شابو «مفيستو» (1981)، من حيث إن الأفلام الثلاثة تتعرَّض لما يحدث لأبطالها عندما تحوم السُّلطة حول نجاحهم لكي تستخدمهم لصالحها. لكنها 3 أفلام تختلف في الأسلوب والمعالجة الفنية، كما في الإيقاع، عن بعضها بعضاً. فيلم طارق صالح يميل إلى التشويق السياسي، متناولاً حكاية ممثل مشهور اسمه جورج فهمي (فارس فارس)، الذي تفرض عليه السلطات التعاون معها ليكون ناطقاً باسم النظام. هذا بعد جمعِ معلومات عن علاقاته العاطفية (من بينها علاقة مع زوجة ضابط كبير)، ومن ثَمَّ خطف ابنه ليُجبر على الامتثال.
سابقاً، كانت الأفلام المصرية ذات الموضوعات السياسية تميل غالباً إلى الإيحاء، أما «نسور الجمهورية» فيُريد المواجهة صريحة، مُقدماً الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي في مشاهد حيَّة وممثلة (بعمرو واكد) بوصفه رأس السلطة التي يوجِّه الفيلم نقده إليها. الفساد في فيلم طارق صالح مستشرٍ في كل زاوية، من الرقابة وصناعة الأفلام (حيث يبدأ الفيلم) إلى استغلال السلطات الفنانين وابتزازهم ليصبحوا أدوات دعاية.
خيارات المخرج في فيلميه السابقين «حادث النيل هيلتون» (2017)، و«صبي من الجنّة» (2020)، كما في هذا الفيلم، عدائية. لديه خيارات في النقد ينتقي منها أكثرها مباشرة، منفذة على قدر من المهارة، لكنه يتعثَّر في ربط الحكايات الصغيرة في سياق عمل متماسك.
ORWELL★★★
راوول بك
الولايات المتحدة | تسجيلي/ وثائقي | ألوان/ أبيض أسود (119 د)
عروض 2025: مهرجان «كان»
سيبقى المؤلف البريطاني جورج أورويل معروفاً بروايته «1984» على الرغم من أنه كتب غيرها. كانت آخر أعماله ونشرها سنة 1949، متناولاً فيها انتشار الحكم الفاشي في بلاده، ورمزياً في أكثر من مكان آخر. اقتبست السينما روايته هذه أكثر من مرة، بالإضافة إلى مسلسل تلفزيوني (2013). اثنان من تلك الأفلام هما الأفضل حتى اليوم، هما نسخة مايكل أندرسون (1957) ونسخة مايكل رادفورد (1984).
بعض ما جعل الرواية خالدة حتى اليوم هو تنبؤها بما تحقَّق، ليس بالضرورة في عام 1984 تحديداً، بل في الأعوام التي تلت، حيث هُمّش العامل الإنساني في بناء المجتمع، ووُجِّه كلياً نحو العنصر العلمي، مع سيطرة الحكومات الغربية الكبرى على زمام الأمور في كل المجالات، حتى في المجال الأكثر حساسية في نص الكاتب، وهو حرية الفكر.
أورويل كان معادياً للإمبريالية، وهذا واضح في أعماله، كما يتجلى بوضوح في هذا الفيلم. النقطة السلبية الأبرز في العمل تكمن في غوص المخرج بتحليل كل ما يملكه (أو ما يستحق التحليل فعلاً) دون أن ينسجم ذلك مع المواد المستخدمة. ونتيجة ذلك، فيلم يكتفي باستعراض كاتب ونص مهمين من دون تقديم طرحٍ سياسي موازٍ من قبل المخرج.
★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز
