ثقافة وفن

صوت محمد منير يُشبه النيل

لم يكن عناق كلمات الشاعرة كوثر مصطفى وصوت المطرب محمد منير مجرد مرحلة في مشوارهما الفني، بل رحلة قطعاها سوياً، اتفقا فيها كثيراً واختلفا قليلاً، تراها كوثر علاقة مثالية بين شاعرة ومطرب جمعهما الحلم نفسه، فهي تكتب للناس بمفردات تلامس قلوبهم، وهو يغني لهم بصوته الأصيل القادم من الجنوب.

أغنيات منير التي كتبتها كوثر محفورة في ذاكرة الموسيقى العربية رغم حداثتها على غرار «بكّار»، و«سُو»، و«العالي العالي يا أبا» و«علّي صوتك بالغنا»، و«لسه الأغاني ممكنة»، و«حط الدبلة على الولاعة»، و«بنات يا بنات»، و«مدد يا رسول الله»، ضمن رصيد يبلغ 25 أغنية تعاونا فيها معاً، وهو رقم قابل للزيادة لتعاونهما في الألبوم الجديد للمطرب المصري الملقب بـ«الملك»، الذي يعمل عليه حالياً، بعد نحو ثلاثين عاماً من أول تعاون جمعهما.

ترى كوثر بأنها محظوظة وحققت نجاحاً لم تحققه شاعرة أو مؤلفة قبلها (الشرق الأوسط)

في حوارها مع «الشرق الأوسط» تؤكد كوثر مصطفى أن علاقتها بالمطرب محمد منير لم تكن مرحلة في مشوارها ولا مشواره، بل هو صوت ارتبطت به وأحبته: «منير مثل أغنياته لا يشبه سوى نفسه، كما لا توجد أغنية عنده تشبه الأخرى، صوته له طعم خاص يعكس مفردات الحياة، يشبه النيل والجنوب والأرض الخضراء»، مؤكدة أنه «بخير ومزاجه حلو ويعمل على ألبومه الجديد».

تكشف أنها كتبت أغنية عن صوته، تقول فيها: «نغم بصوت الهمس، نغم كالطلقات، نغم بلون الضي المتنور على الطرقات، نغم كما الأجراس يصحى من الغفلات»، المثير أنها كتبتها واحتفظت بها، مشيرة إلى أنها لم تعرضها على منير بل كتبتها كتأملات في صوته.

كوثر مع محمد منير الذي كتبت أغنية عن صوته (الشرق الأوسط)

تستعيد لقاءهما الأول قائلة: «تعرفت عليه من خلال المخرج خيري بشارة، الذي كان أول من اكتشفني فقد أعجب بديواني الأول (موسم زرع البنات) وظل يبحث عني على مدى 6 أشهر، وكان يحضر فيلماً مع محمد منير، فعرّفني عليه، ورغم أن الفيلم لم يكتمل، لكن علاقتي ومنير استمرت».

تصف علاقتها كونها شاعرة بصوت محمد منير بأنها «علاقة مثالية»، مضيفة: «من فرط إحساسنا بالواقع والناس التي يغني لها، وهمومه كمواطن وطريقته في التفكير، وحلمه بوصفه مبدعاً تلاقى مع حلمي، وتوافقنا في رؤيتنا في ظروف عدة مر بها الوطن، توطدت العلاقة».

«علّي صوتك بالغنا» أيقونة فيلم «المصير» الذي جمعها للمرة الأولى مع المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين، تقول إن «هذه الأغنية جمعت عناصر النجاح في أضلاعها بين ثلاثة من كبار المبدعين، المخرج يوسف شاهين والموسيقار كمال الطويل وصوت محمد منير، وكانوا في حالة توافق، وكنت العنصر الرابع بها، معززة نجاح الأغنية بهم، مؤكدة أنه من الممكن إذا قدمها فريق آخر لا تحقق النجاح نفسه»، وتتذكر أن الموسيقار الراحل كمال الطويل أسمعها أكثر من لحن للأغنية وسألها ما رأيك، وقد أذهلها بساطته.

الشاعرة المصرية كوثر مصطفى (الشرق الأوسط)

وعن طبيعة عملها مع منير تقول: «هناك أغنيات كتبتها وأعجبته فغناها، وهناك ألحان أعطاها لي لأؤلف لها أغنيات، وأحياناً يحتاج أحد المخرجين فكرة لأغنية لمنير في فيلمه على غرار (علّي صوتك بالغنا) فأكتبها»، وتلفت كوثر مصطفى إلى أنه «أثناء عملهما على الأغنية قد يطلب منير تبديل (كوبليه) أو جملة أو كلمة رآها ثقيلة وهو يؤديها».

تعتز الشاعرة المصرية بأنها أخذت ما تستحقه بصفتها مبدعة وحققت نجاحاً لم تحققه شاعرة أو مؤلفة قبلها، وقد مهّدت الطريق لكثير من بنات جنسها ليشققن طريقهن حتى لو كن من غير مدرستها التي تراها «تشبه الزمن وتحمل رؤية فلسفية»، وترفض كوثر من يكتبون بلغة الشارع، قائلة: «دوري أن أرتقي بذوق المجتمع وفكره والنقل عن الشارع قد يهبط بذوق المجتمع أو يبقيه على حاله بدلاً من أن يرتقي به، والبعض يرى أن النزول بالغناء لمستوى الشارع يحقق انتشاراً أكبر، وهو ما أرفضه».

وترى كوثر أنها محظوظة لعملها وسط جيل كل أفكاره وقناعاته وهمومه متشابهة: «كنا أولاد رحلة واحدة، وقد حقق كل منهم بصمة في مشواره بالجد والاجتهاد، كل له مدرسته وإبداعه الخاص، علي الحجار، ومحمد منير، ومحمد الحلو، ومدحت صالح، كما أن الجيل الذي سبقهم ترك بصمته مثل عبد الحليم، الذي ترك تراثاً عظيماً من الأغاني، وأتمنى أن أجد بصمة لفناني الجيل الحالي».

وإلى جانب منير كتبت كوثر مصطفى أغنيات لمطربين ومطربات على غرار «يا عيني عليكي يا طيبة» لآمال ماهر، وأغنيات فيلم «أنت عمري» لخالد يوسف، ومقدمات لعدة أعمال درامية من بينها مسلسل «حبيبة» لخيري بشارة، و«نافذة على العالم» لعصام الشماع، و«أماكن في القلب» لنادر جلال، وأغاني وحوار مسرحية «مخدة الكحل».

أتمنى أن أجد بصمة لفناني الجيل الحالي

كوثر مصطفى

وتعرب كوثر عن بهجتها بطرح دواوينها الجديدة، حيث يعد أحدثها «على قدي وقد الشوق» الذي صدر أخيراً متضمناً قصائد تعبر عن رؤيتها للحب والحرية والعدالة والوطن والأصدقاء، وجرى الاحتفاء به في بيت «السناري» الأثري، فيما يصدر لها قريباً ديوان للأطفال، وتُبدي فرحتها بذلك: «مستمتعة جداً وراضية بالنتائج التي حققتها».

تقيم مصطفى بـ«دار رعاية الفنانين» التي أقامتها نقابة الممثلين، بعد تعرضها لمتاعب صحية بالعمود الفقري والحركة، وتقول: «إقامتي بهذه الدار أتاحت لي التفرغ للكتابة، وأجد فيها راحتي بشكل كبير، وفي هذه المرحلة أريد أن أكتب وأكتب دون قيود ولا تدخل من أي أحد، فالوقت المتبقي قليل، والكلمة لعبتي ودنيتي وسكني وعالمي الأثير».

وحظيت كوثر مصطفى بتكريم رئاسي في الاحتفال بيوم المرأة العالمي، الذي تقول عنه: «كان يوماً جميلاً تناولنا الإفطار مع السيدة انتصار السيسي حرم رئيس الجمهورية، كنا مجموعة سيدات مؤثرات من مختلف المهن، وكنت الشاعرة الوحيدة التي تم تكريمها، وهو ما أسعدني حقاً».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى